طلب العلم

هل أنا أصلح لطلب العلم ؟

هل أنا أصلح لطلب العلم ؟!

كثيرة هي التسؤالات التي يطرحها طلبة العلم عن منهج الطلب، وما ينبغي حفظه ومدارسته ومذاكرته ، وما ينبغي تقديمه أو تأخيره إلى غير ذلك من المعارف التي يتشوّف الطالب الذي يخطو خطواته الأولى في سلّم الطلب إلى إحكامها .

لكن السؤال الأبرز في هذا الميدان والذي يغفل الطلبة – أو أكثرهم – عن سؤاله هو : “هل أنا أصلح لطلب العلم ابتداء ؟ وهل هذا الميدان هو ميداني ؟! “
هذا السؤال من الأهمية بمكان في حياة الطالب المحبّ للعلم، الراغب في سلوك دربه، بل قد يحدّد له مسار حياته العلميّة ..

اعلم – رعاك الله – أن إجابة هذا الاستفسار تتلخص في محاور ثلاث، إن نجحت في إحكامها وضبطها استطعت أن تبدع في هذا الميدان– بعد توفيق الله أولاً وأخيراً-، وإن فشلت في أحدها سيصبح المسير صعباً عليك .

أولاً : ابدأ بقلبك فانظرفي حاله …
هل هو عازم على فتح صفحة جديدة مع الله – سبحانه وتعالى- ؟ وهل هو على استعداد لخوض رحلة طويلة من مجاهدة النفس وهواها؟!
فإن طريق الطلب لا يبدأ من الكتب بل يبدأ من القلب، فمن كان قلبه منشغلاً عن الله سبحانه منكباً على دنياه متعلقاً بها، مقدماً لهواه فأنّى له أن يطلب العلم؟!
ومن كان معرضاً عن التعبد والتألّه لربّه، لا يتقن أداء رُكيعات بطمأنينة وخشوع واستحضار، ولا يعرف لذة المناجاة، ولا رصيد له من الذكر فعليه أن لا يستعجل الخطوات قبل أن يتدارك قلبه، فإنّ القلوب القاسية تنقطع عنها روافد الهمم قبل أن تكمل الطريق.

ثانياً : قطع العلائق، وكسر العوائق…

اعلم – أيها الموفّق- أن مسلك الطلب لا يصلح لمن كثرت علائقه بالمخلوقين وكثرت مخالطته ومجالسته لهم، ولا يصلح لمن يضيع وقته أمام وسائل التواصل “مغرّداً” و”متباهياً” و”متصنّعاً”
و “مُتشبّعاً بما لم يعط” ، فالعلم بحر لا ساحل له ، ولا ينال براحة الأجساد بل بمكابدة السُّهاد ،ومواصلة الليل بالنهار، فمن أخبرك أنه يحصّل بالقليل فقد خدعك، ومن أوهمك أن الدراسات الجامعية بسنوات معدودة ستصنع منك شيئاً فما نصحك، بل هو –والله- التخفّي عن الأنظار والجلوس بين الكتب والآثار ملخّصاً ومهذّباً ومنقّحاً ومتأمّلاً ، وما ضعف الإنتاج الشرعي في السنوات المتأخرة إلا حين نشأ في هذه الأمة من يتصنّع العلم وهو لم يعط العلم حقّه من النظر والفكر والقراءة والتّفهّم .

وأما عوائق الطريق فهي كثيرة ، فتارة تبتلى بقلة ذات اليد، وتارة تختبر بقلة الناصر المعين والموجّه الأمين، وتارة تتعب، وتارة تمرض، وغداّ تريد النكاح وبعده جاء الأبناء إلى آخر هموم الحياة التي لا تنفك عن بشر ، فعليك أن تعلم من الآن وقبل شروعك في الطريق أنك ستبتلى كما ابتلي غيرك، ولن تفرش لك الطريق بالورود، بل هو-والله- القبض على الجمار والمجالدة والمكابدة في زمن غربة العلم وضياع حقّه.

ثالثاً : لا علم لمن لا محفوظ له …

احذر يا طالب العلم أن يغرّك غار يوماً ما فيخبرك أنّ العلم ينال بالفهم فقط ،وأنّ الحفظ من فروع الطلب، فقد أخبرنا من نثق بهم من أهل الصلاح والفضل أنه ما أضاع علمهم إلا الكسل عن الحفظ والانشغال بكثرة القراءة وتوسيعها عن الاهتمام بحفظ الأصول وإحكامها .

هذه خطوط أصيلة أرسمها لك من الآن حتى تحدد موقفك منها، فإنّ هذا العلم دين لا يحمله إلا العدول الثقات المتقون أصحاب الهمم والعزائم والّتفاني والكدّ، متى أحكمتها فما بعدها أيسر منها.

دعوة لترتيب الأوراق والاستعداد الجادّ ومعرفة معالم الطريق، فإياك أن تجعلها سبباً في تخاذلك فتخسر الرّهان .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من رسائل الطلبة المشاركين في البرنامج
أكاديمية غراس العلم لدراسة العلوم الشرعية
صورة الشيخ إبراهيم رفيق
بإشراف الشيخ / إبراهيم رفيق الطويل
لوجو موقع غراس العلم
Scroll to Top